أبو مناف القاسم - السمارة-
لا حديث يعلو هذه الايام فوق حديث العيد وأجوائه الروحانية في العاصمة العلمية وحاضرة الأقاليم الجنوبية مدينة السمارة، فعلى غرار باقي المدن المغربية تعيش هذه المدينة بدورها غمرة العيد وما يليه من اقتناء لأضحية العيد ومعدات الذكاة والذبح، غير أن الملفت للنظر هو هذا الاكتضاض الذي تتسم به الاسواق سواء ما يخص الالبسة أو أدوات التي تصحب عملية الذبح من سكاكين ومشاوي ومجامر ... هذا وتغص أسواق المدينة بكل أصناف وتلاوين الاحتياجات التي فاق فيها العرض الطلب هذا العام خصوصا أن المدينة يتوسطها سوق دائم بمدخلها وآخر اسبوعي بالجزء الشرقي للمدينة.
ولا تختلف الطقوس التي تسبق العيد كثيرا عما كان يعيشه الأسلاف في السابق اللهم بعض الامور الشكلية التي تغيرت بتغير المجتمع والتي تصاحب في الغالب جانب التمدن، إلا أن الهمة واحدة في توفير الأضحية وما يلازمها سواء أكانت مقتناة أو الماشية التي تحرص بعض الأسر على تربيتها وإعدادها على طول السنة تحسبا لهكذا مناسبات وحرصا على الجانب الصحي والمادي الذي أصبحت تعاني منه فئات ليست بالقليلة من نسيج هذا المجتمع خصوصا أن هذا العام تزامن مع تبعات الدخول المدرسي وتكاليف العطلة الصيفية، هذا ويعتبر عيد الاضحي بالاقاليم الجنوبية عامة وإقليم السمارة بشكل خاص مناسبة دينية لاجتماع العائلة ولم شملها وكذا صلة الارحام بين الاسر والعائلات خصوصا أن النسيج المشكل للمجتمع بهذا الاقليم يتكون من إثنيات قبلية يجمعها الكثير من التداخل والتقارب، كما أن حس القبيلة والعائلة بالمفهوم التقليدي لا يزال هو الطاغي في سلوكيات أفراد المجتمع.
ويبقى للزي الصحراوي سواء الدراعة أو الملحفة العلامة الأبرز خلال هذه المناسبة فالكل يحرص على ارتداء الاحسن والاجود منه، ولعل إحدى ابرز معاني ورسائل هذا العيد تتجلى أساسا في البعد التضامني والتآزري وهو الامر الذي ألفت ساكنة الاقليم تشخيصه في أبهى صورة سواء تعلق الامر في الزيارات الاسرية والعائلة التي تصاحبه أو جانب التصدق وفعل الخيرات والعناية بالفئات الهشة والفقيرة التي ليس لديها القدرة على تلبية حاجيات العيد.
ومع ذلك تبقى فرحة العيد منقوصة عند أغلب العائلات بهذا الربع الذي لا تجد منزلا إلا وأحد أفراد عائلاته بمخيمات تندوف ولحمادة بالتراب الجزائري والذي يأبى نظام البوليساريو إلا أن يحرم هذه الأسر من التلاقي ولم الشمل وتذوق دفء الوطن والعيش الرغيد بعيدا عن مجازفات الجزائر وأوهامه التوسعية التي تجعل الضحية الوحيدة في هذا المسلسل المضني الذي دام حوالي 40 سنة هو الانسان الصحراوي.